الحمام البارد بعد التمرين: هل يعوق نمو العضلات؟

أحصل على تذكرة يوم مجاني الأن!
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الحمّامات الباردة، أو ما يعرف بـ cold plunges، وذاع صيتها بفضل الرياضيين، والمؤثرين، والمقدمين في برامج البودكاست الذين يشيدون بفوائدها المتعددة مثل تحسين المزاج وتسريع عملية التعافي العضلي بعد أداء التمارين.
لكن الأبحاث الحديثة بدأت تكشف عن جانب آخر أقل تفاؤلاً حول هذه الممارسة، مما يثير تساؤلات مهمة حول ما إذا كانت مفيدة بالفعل بعد تمارين المقاومة مثل رفع الأثقال.
دراسة حديثة من «جامعة ماستريخت» في هولندا قادها طالب الدكتوراه ميلان بيتز، توصلت إلى أن غمر الساقين في ماء شديد البرودة بعد أداء التمارين يقلل من تدفق الدم إلى العضلات، ويضعف قدرتها على امتصاص البروتينات الضرورية للنمو والتعافي. بعبارة أخرى، قد يكون الحمام البارد سبباً مباشراً في الحد من الفوائد المكتسبة من التمرين ذاته.
ما يؤكد هذه النتائج أن دراسات سابقة توصلت إلى استنتاجات مشابهة. على سبيل المثال، تجربة أُجريت في أستراليا عام 2015 وجدت أن استخدام الحمامات الباردة بشكل منتظم بعد التمارين أدى إلى نمو عضلي أقل بنسبة تصل إلى 20%، مقارنة بمن لا يستخدمون هذه الطريقة، رغم أن التمارين كانت متماثلة بين المجموعتين.
وفي مراجعة علمية نُشرت عام 2024 تحت عنوان نقدي يحمل شيئاً من التهكم "صبّ الماء البارد على نمو العضلات"، خلص الباحثون إلى أن الحمامات الباردة بعد تمارين المقاومة يمكن أن تعيق عملية النمو العضلي، أو ما يعرف بـ hypertrophy، وهي التغيرات البنيوية التي تحدث في الألياف العضلية نتيجة التمرين.
أما عن الآلية البيولوجية لهذا التأثير، فتشير الدراسات إلى أن انخفاض حرارة الجسم عند التعرض للماء البارد يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية، وهو ما يبطئ حركة الدم المحمل بالبروتينات والعناصر الغذائية إلى الأنسجة العضلية. هذه الآلية تُضعف من قدرة العضلة على إصلاح نفسها والبناء من جديد بعد التمرين.
وفي التجربة الهولندية نفسها، قام الباحثون بجعل 12 رجلاً يغمرون إحدى ساقيهم في ماء تصل درجة حرارته إلى نحو درجة مئوية واحدة بعد تمرين مكثف، بينما بقيت الساق الأخرى في ماء دافئ. النتائج كانت واضحة: الساق التي تعرضت للماء البارد استقبلت كمية أقل بكثير من البروتين، واستمر انخفاض تدفق الدم فيها لساعات تالية.
من الجدير بالذكر أن هذه الدراسة لم تشمل النساء ولا كبار السن، إلا أن الباحثين يرجحون أن النتائج تنطبق على معظم الفئات العمرية.
كما أن هناك عوامل لم تُبحث بعد بشكل دقيق، مثل تأثير درجة حرارة الماء، ومدة الغمر، وتوقيت استخدام الحمام البارد بالنسبة للتمرين، والتي قد تلعب دوراً حاسماً في تحديد النتائج النهائية.
رغم هذه النتائج التي تسلط الضوء على الآثار السلبية المحتملة للحمامات الباردة على نمو العضلات، من المهم الإشارة إلى أن هذه الدراسة لم تتناول الفوائد النفسية لهذه الممارسة. فهناك من يجد فيها وسيلة لتحسين المزاج، أو زيادة الصلابة الذهنية، وهي فوائد قد تدفع البعض للاستمرار فيها بغض النظر عن تأثيرها العضلي.
في المحصلة، بينما تزداد شعبية الحمامات الباردة، تُظهر الدراسات أن استخدامها بعد التمارين المكثفة قد لا يكون الخيار الأفضل لمن يهدف إلى تحقيق نمو عضلي ملحوظ.
ومع ذلك، فإن فوائدها النفسية وربما الفسيولوجية في سياقات أخرى لا تزال تستحق البحث والدراسة.
المصدر: al-akhbar
الآراء التي يتم مشاركتها في مدونة جيمنيشن هي آراء المؤلفين المعنيين فقط ولا تمثل وجهات نظر جيمنيشن أو أي عضو من فريق جيمنيشن.