فوائد الحجامة ومخاطرها: الدليل الكامل مع أنسب أوقاتها

تُعد الحجامة من أقدم العلاجات الطبيعية التي ما زالت تحافظ على حضورها حتى اليوم، إذ يلجأ إليها كثيرون بحثاً عن الراحة وتخفيف الألم. ومع تزايد الاهتمام بالطب التكميلي، أصبح موضوع فوائد الحجامة محط نقاش واسع بين من يراها وسيلة فعالة لتحسين الصحة ومن يعتبرها مجرد علاج شعبي يحتاج إلى مزيد من الدراسات. وللتعرّف أكثر على تفاصيلها وأنواعها ومتى يُنصح بها، تابع هذا المقال.

ما هي الحجامة؟

الحجامة هي أسلوب علاجي تقليدي استُخدم منذ آلاف السنين في الصين وغرب آسيا، ثم انتقل إلى العالم العربي والإسلامي حتى عُرف كجزء من الطب النبوي. تقوم على وضع كؤوس خاصة على الجلد لإحداث ضغط سلبي يشد الأنسجة.

اليوم تُمارَس الحجامة في مراكز الطب البديل والعلاج الطبيعي حول العالم، وتخضع بعض جوانبها للبحث العلمي. وتشير دراسات محدودة إلى إمكانية مساهمتها في التخفيف من بعض المشكلات الصحية مثل آلام المفاصل والصداع النصفي، لكنها ما تزال تُصنَّف كعلاج تكميلي يحتاج إلى مزيد من الأبحاث.

وتُعرف الحجامة أيضاً بأسماء متعددة مثل: العلاج بالكؤوس، كاسات الهواء، أو العلاج بكأس الشفط.

كيف اعمل الحجامة؟

تُجرى الحجامة عادةً على يد مختص معتمد لضمان التعقيم والسلامة، وتتم عبر خطوات أساسية:

1. تحضير الأدوات: كؤوس خاصة (زجاجية، بلاستيكية أو سيليكون) مع أجهزة شفط أو وسيلة تسخين آمنة.

2. تعقيم المنطقة: تنظيف المكان الذي توضع عليه الكؤوس قبل البدء خطوة ضرورية لمنع انتقال أي عدوى.

3. اختيار الموضع المناسب: مثل الظهر، الكتفين أو أسفل الظهر، بحسب الحالة الصحية والهدف العلاجي.

4. إحداث الشفط: يُسخَّن الهواء داخل الكأس أو يُستخدم جهاز شفط ليُحدث ضغطاً سلبياً يجذب الجلد والأنسجة إلى الداخل.

5. المدة الزمنية: غالباً من 5 إلى 15 دقيقة.

6. العناية بعد الجلسة: تنظيف المواضع مجدداً و تغطيتها بضماد نظيف.

من المهم عدم تجربة الحجامة في المنزل دون إشراف مختص، لأن أي خطأ في التعقيم أو اختيار المواضع قد يؤدي إلى مضاعفات مثل الالتهابات أو الندبات.

أنواع الحجامة

هناك عدة أشكال للحجامة تختلف في آلية التطبيق والهدف العلاجي، ومن أبرزها:

فوائد الحجامة

يبقى السؤال: هل الحجامة مفيدة فعلًا؟ تشير بعض الدراسات إلى أن الحجامة قد تساعد في تخفيف الألم وتحسين الشعور بالراحة، لكن النتائج ما تزال محدودة وتحتاج إلى المزيد من الأبحاث. ومن أبرز فوائد الحجامة المحتملة:

• تخفيف الألم المزمن مثل آلام أسفل الظهر، الرقبة، الركبة والصداع النصفي.

• مشكلات الدم مثل فقر الدم وبعض الاضطرابات الدموية.

• الأمراض الروماتيزمية كالتهاب المفاصل و الفيبروميالغيا.

• الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والأكزيما.

• مشاكل التنفس مثل الربو والحساسية و احتقان الشعب الهوائية.

• اضطرابات نسائية متعلقة بالخصوبة والدورة الشهرية.

• ارتفاع ضغط الدم وبعض مشكلات القلب والدورة الدموية.

• القلق والاكتئاب عبر تحسين الاسترخاء وتقليل التوتر.

• الدوالي (Varicose veins) عبر تحسين تدفق الدم في الأوردة.

ومن أبرز فوائد الحجامة المحتملة دعم الخصوبة والدورة الدموية لدى بعض الرجال، وقد تناولنا هذا الموضوع بتفصيل أكثر في مقالنا: فوائد الحجامة للرجال.

ومن الناحية النظرية، هناك فرضيات تفسر فوائدها:

• نظرية بوابة الألم (Pain-gate theory): الضغط الناتج عن الشفط قد ينشط أليافًا عصبية كبيرة تمنع وصول إشارات الألم إلى الدماغ.

• نظرية المناعة: الحجامة قد تقلل من المواد الالتهابية وتزيد مضادات الأكسدة، مما يعزز مقاومة الجسم.

أفضل أيام الحجامة

في الطب النبوي، يُستحب إجراء الحجامة في أيام محددة من الشهر القمري، خاصة: اليوم 17، 19، و21، وهو ما يلتزم به كثير من المسلمين في السعودية والعالم العربي. ويُعتقد أن لهذه الأيام خصوصية دينية وشعبية جعلتها الأكثر شيوعاً بين الراغبين في الحجامة.

مع ذلك، لا توجد أدلة طبية تؤكد أن اختيار اليوم يؤثر على نتائج العلاج، إذ يرى الأطباء أن الفائدة ترتبط أساساً بطريقة التعقيم، مواضع الحجامة، والحالة الصحية للشخص. لذلك يمكن إجراؤها في أي وقت يراه المختص مناسباً، سواء لأغراض علاجية أو وقائية.

أضرار الحجامة وآثارها الجانبية

تُعتبر الحجامة آمنة نسبياً إذا أُجريت على يد مختص مدرَّب يستخدم أدوات معقمة. ومع ذلك، قد تظهر بعض الآثار الجانبية في مواضع الكؤوس، مثل:

• الشعور بانزعاج بسيط أو ألم موضعي.

• ظهور كدمات دائرية أو تغير في لون الجلد من وردي إلى أرجواني، وتختفي عادة خلال 1–10 أيام.

• حروق خفيفة، خاصة في الحجامة بالنار عند تسخين الكأس بشكل مفرط.

• احتمالية حدوث التهابات جلدية إذا لم يتم تنظيف وتعقيم الأدوات بشكل جيد.

في حالات نادرة، إذا تلوثت الكؤوس أو لم يتم تعقيمها بعد كل مريض، يمكن أن تنتقل أمراض عبر الدم مثل التهاب الكبد الوبائي B وC.

الحروق المرتبطة بالحجامة

دراسة أسترالية تابعت أكثر من 18 ألف مريض على مدار 7 سنوات وجدت أن 20 حالة فقط تعرضت لحروق نتيجة الحجامة، معظمها وقعت في المنزل. وهذا يعني أن الخطر موجود لكنه نادر عند الممارسة السليمة.

العلامات أو الكدمات

تُعد الكدمات الدائرية من أكثر الآثار الجانبية شيوعاً. وهي ليست خطيرة عادةً، لكن قد تثير القلق عند مَن لا يعرف سببها. لذلك، إذا زرت طبيبك قبل زوالها من المهم أن تخبره بأنها ناتجة عن جلسة حجامة وليست نتيجة إصابة أخرى.

خطر الجلطات الدموية

رغم عدم وجود دليل علمي قاطع، يحذر بعض الأطباء من احتمالية زيادة خطر الجلطات عند الأشخاص الذين يعانون من جروح مفتوحة، التهابات جلدية، أو يستخدمون مميعات الدم. كما يُمنع اللجوء إلى الحجامة لمرضى القلب والأوعية الدموية إلا بعد استشارة الطبيب.

متى يجب تجنب الحجامة؟

رغم فوائدها، هناك حالات يُنصح فيها بعدم إجراء الحجامة، منها:

• الحمل، خصوصاً في الأشهر الأولى.

• الإصابة بفقر دم شديد أو نزيف متكرر.

• أمراض القلب أو الأوعية الدموية أو عند استخدام أدوية مميعة للدم.

• وجود التهابات جلدية أو جروح مفتوحة في أماكن الحجامة.

• بعد العمليات الجراحية مباشرة أو أثناء فترة النقاهة.

نصائح بعد الحجامة

للاستفادة القصوى وتجنب المضاعفات، يُنصح بما يلي:

• شرب كميات كافية من الماء لتعويض السوائل.

• تجنب الاستحمام أو التعرض المباشر للبرد لعدة ساعات بعد الجلسة.

• تغطية مواضع الحجامة بضمادات نظيفة لتفادي العدوى.

• الإبتعاد عن الجهد البدني الشديد في اليوم نفسه.

• استشارة الطبيب فوراً في حال ظهور أعراض غير طبيعية مثل نزيف مستمر أو التهابات شديدة.

الحجامة: لمن تصلح وكم مرة يجب القيام بها 

لمن تناسب الحجامة؟

تُستخدم الحجامة كعلاج تكميلي في بعض الحالات مثل:

• آلام الظهر والرقبة والكتفين.

• الصداع التوتري والصداع النصفي.

• الشد العضلي والإجهاد عند الرياضيين.

• بعض مشكلات المفاصل والدورة الدموية.

مع ذلك، تبقى الحجامة خياراً مسانداً ولا يُفترض أن تحل محل العلاج الطبي. يُستحسن دوماً استشارة الطبيب قبل اللجوء إليها، خصوصاً عند وجود أمراض مزمنة.

كم جلسة وكم مرة؟

• غالبا ما يُجرى جلسة أولى تجريبية لتقييم الاستجابة.

• إذا كان هناك تحسن، يمكن تكرار الحجامة كل 4–6 أسابيع وفق الحاجة.

• عدد الجلسات يختلف حسب الحالة، شدة الأعراض، ورأي المختص.

هل تصلح للأطفال أو الحامل؟

• الأطفال: لا يُنصح بالحجامة لهم إلا في حالات خاصة جداً وتحت إشراف طبي مباشر.

• الحامل: يُفضَّل تجنبها خلال الحمل، خصوصاً في الأشهر الأولى، إلا إذا أوصى الطبيب بها لضرورة محددة.

ملخص المقال

الحجامة علاج تقليدي يكتسب شعبية متجددة ويُستخدم اليوم كوسيلة تكميلية لتحسين تدفق الدم وتخفيف التوتر. ورغم محدودية الدراسات حول فعاليتها، يؤكد كثير من الأشخاص شعورهم بتحسّن بعد الجلسات. في النهاية، يمكن القول إن فوائد الحجامة قد تكون واضحة للبعض، مع ذلك فهي تظل وسيلة داعمة وليست بديلاً عن العلاج الطبي.