نظرة جديدة إلى السمنة

أحصل على تذكرة يوم مجاني الأن!
لسنوات طويلة ظل المصابون بالسمنة يتلقون النصيحة نفسها، بأن عليهم تقليل كميات الطعام وزيادة الحركة. ورغم بساطة هذه النصيحة، إلا أنها في كثير من الحالات لا تنجح، بل قد تكون مضللة وتؤدي إلى نتائج عكسية.
إقرأ أيضاً: حمية Switch On لفقدان الوزن السريع
تشير التقارير إلى أن السمنة ليست نتيجة ضعف إرادة كما يُشاع، بل حالة طبية مزمنة ومعقدة ومتكررة. في إنجلترا وحدها يعاني أكثر من ربع البالغين من السمنة، إلى جانب أكثر من خمس الأطفال بين سن العاشرة والحادية عشرة.
تقديرات حديثة تشير إلى أن تكلفة السمنة السنوية في المملكة المتحدة تصل إلى 126 مليار جنيه إسترليني، منها أكثر من 71 مليار بسبب انخفاض جودة الحياة والوفيات المبكرة، إضافة إلى مليارات أخرى تتوزع على تكاليف الرعاية الصحية والبطالة والرعاية غير الرسمية.
وإذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، من المتوقع أن تصل هذه التكاليف إلى 150 مليار جنيه إسترليني سنويا بحلول عام 2035.
ومع ذلك، لا يزال الخطاب الرسمي يتعامل مع السمنة باعتبارها مشكلة فردية يمكن علاجها من خلال تغيير نمط الحياة. هذه الرؤية تتجاهل تمامًا العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تسهم بشكل مباشر في انتشار السمنة.
فالعوامل الوراثية وتجارب الطفولة والثقافة المجتمعية ومستوى الدخل والصحة النفسية ونوع الوظيفة، كلها تلعب دورًا كبيرًا في تحديد ما إذا كان الشخص معرضًا للإصابة بالسمنة.
إضافة إلى ذلك، يعيش الكثيرون في بيئات مشجعة على السمنة، حيث يسهل الحصول على أطعمة عالية السعرات ومنخفضة القيمة الغذائية، بينما تقل فرص الحركة والنشاط البدني نتيجة تصميم المدن ونمط الحياة الرقمي.
رغم معرفة هذه الحقائق، ما زالت السياسات تركز على تغيير السلوك الفردي، وكأن العوامل الأخرى غير موجودة. هذا التوجه يعزز من الوصمة ضد المصابين بالسمنة، ويصورهم على أنهم يعانون من الكسل أو يفتقرون إلى الانضباط، وهو تصور ظالم وخاطئ.
الحل لا يكمن في الملامة أو إطلاق الأحكام، بل في وضع خطة شاملة وعلمية لرعاية من يعانون من السمنة، تقوم على فهم طبيعة الحالة ومتطلباتها، وتتجنب وصم المصابين بها. هناك خطوات ضرورية يجب اتباعها:
أولًا، الاعتراف بأن السمنة مرض مزمن يتطلب دعما مستمرا كما هو الحال مع السكري أو الاكتئاب، وليس مجرد تغييرات مؤقتة في النظام الغذائي.
ثانيًا، مواجهة التمييز القائم على الوزن المنتشر في المدارس وأماكن العمل وحتى في المرافق الطبية، وتدريب العاملين في هذه القطاعات على تقديم رعاية خالية من التحيز.
ثالثًا، تطوير خطط علاج فردية تراعي خلفية كل مريض وظروفه النفسية والاجتماعية والثقافية، وتوفير المتابعة المستمرة والدعم النفسي.
رابعًا، التركيز على تغيير البيئة المحيطة لجعل الخيارات الصحية أكثر سهولة ويسر، مثل دعم توفر الأغذية المغذية بأسعار مناسبة، وتوسيع الفرص المتاحة لممارسة النشاط البدني، ومعالجة الفجوات الاجتماعية والاقتصادية من جذورها.
السمنة ليست مجرد مسألة أكل وحركة. إنها نتيجة تفاعل معقد بين عوامل بيولوجية وبيئية وتجريبية. والتمسك بخطاب تحميل المسؤولية الفردية وحده يعني تجاهل كم هائل من الأدلة العلمية، ويزيد من معاناة من يحتاجون للمساعدة الفعلية.
إقرأ أيضاً: إنقاص الوزن عن طريق التمارين الرياضية
إن كنا جادين في تحسين الصحة العامة وتخفيف العبء الاقتصادي والاجتماعي الناتج عن السمنة، فقد حان الوقت للتخلي عن الشعارات السطحية والانتقال إلى نهج شامل، علمي، إنساني، يراعي الإنسان في سياقه الكامل، ويضع بيئته في صلب الحل.
المصدر: aawsat
الآراء التي يتم مشاركتها في مدونة جيمنيشن هي آراء المؤلفين المعنيين فقط ولا تمثل وجهات نظر جيمنيشن أو أي عضو من فريق جيمنيشن.
احصل على تجربتك المجانية اليوم